بقلم: خالد شوكات
على فكرة تونس لا أعداء لها..
تونس دولة اعتمدت الواقعية في رسم سياستها الخارجية منذ الاستقلال، مع ممارسة معتدلة للمبدئية..
تونس تدرك انها دولة محدودة الموارد، ولهذا حتى في عز الحرب الباردة أبقت على سفارتها مفتوحة في موسكو..
وعلى الرغم من عمق العلاقات مع واشنطن إلا ان لتونس علاقات طيبة مع روسيا والصين وإيران وسائر بلدان العالم..
وفي أتون الحرب الباردة والحروب الاقليمية التي اندلعت في إقليمنا وما اكثرها، تمسكت تونس بسياسة خارجية واقعية بعيدا عن العنتريات والمزايدات والكلام المكلف المُتكلَّف الذي ندرك أنه لا طائلة منه ولا يقنع أحدا من أهل الرأي والصواب..
وحتى انحيازنا لقضايا أمتنا العادلة وفيّ مقدمتها القضية الفلسطينية كان انحيازا هادئا لا جعجعة فيه..
ولهذا فإن هذا الكلام الممجوج الصادر عن “أصحاب الورع الكاذب” كما هي عبارة عمر ابن الخطاب (رض) ندرك انه للتسويق الشعبوي البائس الذي لا ينطلي إلا على محدودي العقل أو شركاء الخطاب..
ليس هناك أعداء لتونس ولهذا لا وجود لعملاء لهم بيننا..
لا صواريخ عابرة للقارات ولا حاملات طائرات تجوب البحار والمحيطات لدينا، ولهذا اعتدلوا رحمكم الله ولا تكلفوا مؤسستنا العسكرية ما لا تطيق..
نحن دولة تعيش بالاعتدال والانفتاح والعلاقات الطيّبة مع الجميع، ولا نصلح لتصدير أي ثورة من أي نوع، ولسنا نخاف عودة الاستعمار المباشر فقد ولّى زمانه، ولسنا نخاف الاستعمار اصلا لان أجدادنا واباءنا حاربوه وانتصروا عليه ببنادق الصوّان الموروثة عن الزمن العثماني، وبالخناجر والسكاكين.. انتصروا عليه بقوّة الحق، وبدهاء الزعماء و واقعيتهم وفكرهم الواقعي المرحلي وفيّ مقدّمتهم الزعيم خالد الذكر الحبيب بورقيبة “الأنقر ويا من دراك”..
إن عزلة تونس الاقليمية والدولية، الناجمة عن سياسات رئيسها القادم من كوكب آخر كما وصف نفسه بنفسه، و”هتّيفة” غير عدول لا ينتصح العقلاء برأيهم، تتناقض مع روح هذا البلد وطبيعته ومقوماته شخصيته واستحقاقات مصالحه العليا، ومن هنا وقريبا سيدرك الناس كيف صحّحوا الخطأ بخطأ أكبر منه، وكيف ان كلفة الخروج عن الوسطية التي رسمها لنا قادتنا المؤسسون كلفة غالية لا طاقة لنا بها.. فليحفظ الله بلادنا.. بلادنا التي اغتيل فيها الاعتدال، وعلت فيها اصوات الهمج والرعاع والدهماء كما لم تعلُ من قبل على امتداد ثلاثة الاف سنة..بينما السياسة صنعة الخاصة من العدول العقلاء لا هؤلاء.. ولا تضعوا هذا رجاءًا في باب الاستعلاء.. فقد خلق الله الخلق بمواهب متعددة ولا خير في امة يتولّى فيها صغار الشأن الأمر فتكثر على أيديهم البلوى ويشتد البلاء..