
في عديد المناسبات الدينية او الوطنية يقع العفو على المساجين او تخفيف زمن عقوبتهم حسب التراتيب التقليدية المعمول بها منذ أمد طويل، بالأساس سراح شرطي ولكن في طياته أفراغ للسجون!
وهنا تختلف المفاهيم وبعض التحفظات لأن العدل في هذا الاطار هو قضاء زمن العقوبة كاملا لكي يعرف المنحرفون انه لا مفر من الحساب خاصة في الجرائم الجنائية ضد المجتمع.
ويمكن بدلا من العفو اطلاق جملة من التحفيزات التي تمكن من تخفيف مدة الحكم، ولكن بالنسبة للجنح فهذا موضوع آخر يجب التعامل معه حالة بحالة وعادة ما تكون احكام بديلة في البلدان المتقدمة فلماذا لا نعتمدها في بلادنا؟ كلام يشبه الهزل ولكن في طياته عبر واشارات..
العبرة للتونسيين والاشارات للقائمين على هذه البلاد، افراغ السجون بدون استراتيجية اصلاح وتأهيل وتشغيل واعادة اندماج في المجتمع به مخاطرة كبيرة.. عدم قضاء العقوبة كاملة به مخاطرة ايضا..
الكرة عند المنظومة القضائية، الاحكام الثقيلة والاحكام غير المتوازنة غير مجدية يجب تطبيق الاحكام بالعقوبات البديلة على الجنح التي لا تشكل خطرا على المجتمع كما اسلفت سابقا.
لا يفرحني شخصيا الاعلان عن بناء السجون في كل مكان لأنه لا يحل مشكلة الاكتظاظ ولن يصل اي سجن من السجون الى الشروط الدولية الضامنة لحقوق الانسان واعتبار السجين نزيل فاقد الحرية الشخصية لكنه يتمتع بالحرمة الجسدية ولا يمكن بحال من الاحوال تعذيبه او تسليط عقوبات جسدية عليه.. لكن الحل في ارساء ثقافة سلوك حضاري يكون المواطن احد عناصره الفاعلة اي لا يسكت عندما يرى امامه احد اللصوص يسرق في محفظة غيره مثلا..
من ناحية اخرى وعلى المستوى الخارجي نتذكر ما قاله وزير الداخلية الايطالية السابق رئيس حزب الرابطة اليميني المتطرف “سلفيني” ذات مرة: “تونس ترسل لنا خريجي السجون”، في اشارة للهجرة غير الشرعية نحو بلاده لانه يعتبر اعفاء السجناء من اتمام العقوبة بمثابة خطر يهدد بلاده!!
قامت الدنيا ولم تقعد على هذا التصريح لما فيه من تهكم والتدخل في شؤون بلادنا في تعاملها مع مواطنيها، ولكن هل المواطن التونسي يسرّه تسريح السجناء بدون مراقبة وبدون آليات اعادة تأهيل واندماج في المجتمع والحياة الشغلية لاصلاح ما افسده الدهر، لكي لا يعود السجين الى ما اقترفه في السابق..
بالتأكيد المواطن الشريف لا يطمئنه اطلاق سراح من يراهم مجرمين وقتلة في بعض الاحيان على الجرائد. ويؤيد تخوفهم تدهور الوضعية الأمنية في البلاد، حيث كثرت الجرائم بأنواعها في وضح النهار، بنتيجة حتمية ان المواطن أصبح غير مطمئن على نفسه وعلى عائلته وأملاكه..
عجبتني هذه الرسالة القصيرة عبر النات: العفو ﻋﻦ 2135 ﺳﺠﻴﻨﺎ .. إلّي ﻋﻨﺪﻫﺎ “ﺃﻳﻔﻮﻥ” ﺗﺨﺒﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻼﺳﻄﻬﺎ!!