
“الحرب هي الحرب”، كما يقول المثل الفرنسي للإشارة أن من يدخل ساحة الوغى لا يجب عليه انتظار إعانة من الخارج بل عليه ان يعول على امكانياته ويستعملها كلها اذا اقتضى الامر.
ثمانية ايام بعد إعلان بوتين الحرب على اوكرانيا واجتياح جيوشه لأراضيها بدأ العالم يدرك أن المواجهة تسير لا محالة نحو الكارثة.
الجيوش الروسية لم تأت للنزهة او لبعض المناوشات.
هي جاءت لتنفيذ خطة أُعدّ لها منذ فترة يتمثل هدفها العسكري في احتلال العاصمة كييف.
زعماء الغرب الذين هبّوا لنصرة أوكرانيا ودعم رئيسها زيلنسكي بكل الوسائل باستثناء ارسال مقاتلين لمواجهة الروس، يعلمون ان بوتين مصمم على احتلال العاصمة الاوكرانية مهما كان الثمن، وهو ما يعني أن المعركة مرشحة لمزيد من القوة و الضراوة والعنف الاعمى في مستقبل الايام وفي ظل المقاومة الاوكرانية التي بدات تتنظّم مدعومة بأحدث الأسلحة الوافدة عليها من الولايات المتحدة الامريكيه و الدول الاوروبية.
الاستراتيجية التي تتوخاها الجيوش الروسية على أرض المعركة تبدو واضحة، وتتمثل في محاصرة كبرى المدن الاوكرانية وأهمها وذلك قطعا لكل تواصل بينها و بين العاصمة التي بدات طلائع الجيش الروسي تضرب الطوق حولها تمهيدا لاجتياحها و تدميرها.
روسيا تملك القوة العسكرية اللازمة لذلك ولها ايضا التجربة ويكفي التذكير بما لحق العاصمة الشيشانية غروزني سنة 2000.
لكن كييف ليست غروزني والاوكرانيون بصدد اثبات قدرتهم على المقاومة والتصدي للآلة العسكرية الروسية بتوخي سبيل حرب العصابات الذي تخشاه كل الجيوش النظامية في العالم لانه يسوي من حيث القدرة في القتال بين الجيوش الغازية و مجموعات المقاومة.
هذا المنظور يزيد من الضغط على فلاديمير بوتين الذي قد يجد نفسة مجبورا على وضع كل قواه في المعركة والتعجيل باجتياح كييف.
بوتين لم يعد بامكانه التراجع وهو في حاجة الى انتصار والاّ فانه سيفشل في اوكرانيا وكذلك على المستوى العالمي وينتهي كرمز عودة عظمة روسيا.
وفي نفس الوقت فانه وحتى ولو انتصر في محاصرة واجتياح كييف فانه سيلاقي صعوبات مستحيلة بسبب المقاومة والعقوبات الاقتصادية.
انها ورطة تبشّر بتراجيديا لا يبدو تجنبها ممكنا في غياب اسس صحيحة لمفاوضات تفضي الى سلام حقيقي.
