لا يفارق اللباس التقليدي، وما يدور حوله، حياة التونسيين كموروث وتراث وعادات تختلف في تفاصيلها وألوانها وطريقة حياكتها وأسلوب لباسها من مدينة إلى أخرى، ومن جهة إلى أخرى، في المناسبات والأعياد وحفلات الزفاف والختان مما يجعل اللباس التقليدي عصي عن الاندثار رغم قلة مناسبات استعماله واقتصار ارتدائه على الكبار في السن من المتمسكين بالتقاليد.
يتوجه في كل حين العديد من التونسيات والتونسيين الى الاسواق العتيقة داخل المدن لاختيار الالبسة والحلي والأقمشة او الأواني والتحف وأدوات التجميل والبخور وتذوق الاكلات الشعبية.
البعض من تجار السوق الموازية أغرقوا السوق بالسلع الصينية المقلدة للسلع التونسية، والى اللباس الدخيل عن تقاليدنا مما خلق مشكلا حقيقيا وهو اندثار الحرفيين الذين لم يعد بامكانهم التعويل على مداخيل مناسباتية أصبحت لا تفي باحتياجاتهم الحياتية زد على ذلك عدم اقبال الأجيال الجديدة على ارتدائها في حياتهم اليومية وعدم اهتمام سلطة الاشراف بتشجيع الشباب على تعلم مهن الصناعات التقليدية وفتح الآفاق أمامهم ودعم “الصنائعية” التقليديين والمجددين لهذه الصناعة اليدوية بالاساس، والتي تتطلب تضحيات جمة كصناعة الزربية والسفساري التونسي “حرير الدودة” مقياس الضخامة والفيانة..
والجبة والبرنس والقفطان والشاشية والاقمشة والأغطية والأحذية والجواهر والأواني الخزفية والبلورية واقفاص سيدي بوسعيد والحلويات والتحف الخاصة بالهدايا والتي يقبل عليها السياح الأجانب والتونسيين بالخارج ويستحسنون شراؤها.
هذا بعض من كثير عن موروثنا وتراثنا وعاداتنا المختلفة في تفاصليها وألوانها وطريقة حياكتها وأسلوب لباسها، ومسألة التمسك بها عبر الأجيال المختلفة تتحكم فيها الثقافة العامة ومسيرة تطور المجتمع فالتراث الشعبي يشكل وجدان أي أمة، ويقوي ذاكرة الناس الجماعية، وكل ما يتعلق بالهوية الوطنية، خاصة إذا كان الموروث كينونة حية في نفوس وعقول الناس، ويمدها بالقدرات والطاقات الخلاقة والمبدعة التي تسهم في البناء والتنمية.
والتراث هو التاريخ الذي يعيش فينا ونعيش فيه، وما وصل إلينا ممن سبقونا، أياً كان ذلك ماديا أو نظريا أو حتى سيكولوجيا وروحياً.
فكيف نسمح لانفسنا ان نتخلى على كنوزنا بما في ذلك الكنوز الثقافية والأثرية التي تندثر وتختفي وتهرب الى أوطان أخرى..
لقد كنّا نحن معشر المقيمين بالخارج والسياح الاجانب نتسوق اثناء التواجد بتونس وقبل الرجوع الى بلدان الاقامة من شارع قرطاج أين توجد مغازة كبيرة تابعة لديوان الصناعات التقليدية بها كل أنواع المنتوجات التقليدية، وانتقلت بعد ذلك الى شارع محمد الخامس ثم الى الدندان وهنا خرجت من الدائرة السياحية وبهت دورها واندثر، ولم يعد الواحد منا يجد فرصة للتسوق لاقتناء بعض الهدايا التذكارية الاصلية وبسعر مناسب وثابت بعيدا عن المضاربات وعمليات التلاعب بالأسعار التي تحدث داخل أسواق المدينة المكتظة بالمارة والتي تشكو قلة وصول السياح زمن الكوفيد الذي ضرب قطاع السياحة والتنقل بين البلدان وكبد أهل المهنة الخسائر الكبيرة وغلق المتاجر والهروب الى قطاعات أخرى اكثر حظا.