
احياء الذكرى 23 لوفاة الزعيم النقابي الحبيب عاشور وفرت اليوم الاثنين 14 مارس للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي المعاد انتخابة مؤخرا، لاطلاق نداء ايقاظ في إتجاه النخبة السياسية سواء منها من هي في الحكم او في المعارضة، داعيا اياهم الى اعتبار خطورة اللحظة التي يمر بها العالم والتي تزيد من وطاة صعوبات بلادنا وتزيد من حدة وتشعب وضعها الاقتصادي والاجتماعي.
الخطاب ليس جديدا من حيث محتواه وهي ليست المرة الاولى التي يتوجه فيها الطبوبي الى المسؤولين السياسيين ليحملهم مسؤولية انعدام الثقة وممارسة تبادل الاتهمات بالخيانة وادعاء احتكار الوطنية والسقوط في مناكفات لا طائل من ورائها.
لكن الجديد هذه المرة يبرز اولا في لهجة الخطاب التي حاول الامين العام ان يجمع فيها بين ابعاد متعددة:
الحث على التضامن وبث الامل، والاعتداد بسلطة الاتحاد، و التلويح بتحرك المنظمة الشغيلة في حال تواصل الوضع على ما هو عليه.
معطيان اثنان هامان يكمنان وراء الميزة الحاسمة التي وسمت خطاب الطبوبي لهذا اليوم.
المعطى الاول، وقد ذكرناه، يتمثل في حداثة اعادة انتخابه على رأس الاتحاد، ما يعطيه الوقت ثقة كبيرة ويحمله، في نفس الوقت، مسؤولية تفعيل دور الاتحاد استنادا الى تاريخه والى انتظارات التونسيين الذين فقدوا الثقة في الاحزاب السياسية.
اما المعطى الثاني فهو يكمن في القيمة الجوهرية للتظاهرة نفسها والتي تنتظم احتفاءً بذكرى الحبيب عاشور الذي اقترن اسمه باستقلالية الاتحاد عن السلطة حكومة واحزابا سياسية.من هذا المنطلق سلك الامين العام للاتحاد منطق “لا و لا”.
لا لعودة ما قبل 25 جويلية، ولا للحكم الانفرادي. هنا ايضا الكلام ليس جديدا فقد قاله الطبوبي خلال واثر مؤتمر صفاقس.
لكن الانتظار قد طال والامور ازدادت سوءً وقد يجد الاتحاد نفسه دون حجج مقبولة للدفاع عن نفسه لو حدث ، وهو احتمال لا يمكن استبعاده، انفجار اجتماعي في ظل الصعوبات الداخلية والخارجية.
والحقيقة ان نور الدين يمشي اليوم على قشر البيض.
ينادي بالتضامن لكنه يعلم ان لا تضامن دون حوار بين التشكيلات السياسية الفاعلة، والتشكيلات السياسية لا قيمة لها خارج فضائها التمثيلي الطبيعي اي البرلمان الذي لا يبدو امين عام الاتحاد متحمسا لعودته، والحوار يجب ان يتمحور حول منصة سياسية تتوسع وتتعمق بنقاشات وآراء متناقضة تنتهي الى برنامج مشترك، ما يعني قبول الرئيس سعيّد للتنازلات والتوافقات، لكن الرئيس لم يُبد استعدادا للقاء من يعتبرهم رموز نظام ما قبل25 جويلية والتحاور معهم سيما وانه بنى شعبيته على هذا الرفض.
والحقيقة كذلك ان الاتحاد، وكما اكده امينه العام، باعتباره التنظيم الأهم على الساحة الوطنية تقع عليه المسؤولية الأكبر للخروج من المازق الذي تردت فيه البلاد.
ولكن كيف سيتصرف لتحريك خيوط هذا الواقع المتشعب دون ان يتحول الى حزب سياسي يريد فرض خيارات ذات توجه معين؟
انها مهمة شبيهة بمهمة تربيع الدائرة.
لكن ما قد يجعلها ممكنة هو ما بلغه وضع البلاد من تراجع وترد جعله مفتوحا على اخطر السيناريوهات.
