في خطوة جديدة تعكس منسوب الانحدار غير المسبوق الذي بلغته سلطة الأمر الواقع، صدر اليوم حكم سياسي بامتياز ضد رئيس الحكومة الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة الأستاذ علي العريض وعدد من الشرفاء، في ما سُمّي إعلاميا بـ”قضية التسفير”. وقضى الحكم الظالم بسجن الأخ علي العريض 34 سنة كاملة بتهم مفبركة خالية من أي سند قانوني أو واقعة مجرَّمة.
قضية وٌظّف فيها القضاء كأداة تصفية حسابات سياسية، واستُخدمت فيها السلطة القضائية كسلاح بيد منظومة تريد التنكيل بالمعارضين وسحق كل صوت حر.
إن استهداف المهندس علي العريض، بعد أكثر من عقد على تولّيه المسؤولية وبانتقائية مفضوحة، يكشف النوايا الحقيقية والرغبة في الانتقام من رجل دولة وطني وثلة من الشرفاء الذين عملوا على محاربة ظاهرة الإرهاب في إطار القانون و المصلحة العليا للوطن، رجل وقف سداً منيعاً في وجه الإرهاب، واتخذ إجراءات غير مسبوقة لتجفيف منابعه، حين صنّف تنظيم “أنصار الشريعة” إرهابياً، في وقت كانت بعض الجهات الحاكمة اليوم تعتبر القرار غير قانوني.
المحاكمة لم تكن سوى مشهد عبثي كما بينته هيئة الدفاع في القضية مرارا، انطلقت بإجراءات باطلة، وتواصلت وسط خروقات صارخة، وانتهت بأحكام جائرة لا ترتكز على أي دليل، بل تجاهلت عمداً الوثائق التي تثبت براءة السيد علي العريض وتؤكد أنه دافع على أمن تونس وسلامة ترابها ومواطنيها ، حيث تجاهلت فيها وزارة الداخلية طلبات هيئة الدفاع ، في انحياز صارخ عن العدالة والبحث عن الحقيقة.
وأمام هذا الانحراف الخطير الذي يهدّد بطمس كل مكتسبات الثورة، فإن حركة النهضة:
1- تدين بشدّة هذا الحكم الفاقد لأي شرعية قانونية، وتعتبره حلقة في مسلسل تصفية رموز الانتقال الديمقراطي، وهو حكم لا يستهدف علي العريض فقط، بل يستهدف كل من تجرأ على معارضة وانتقاد الحكم الفردي ومسار العبث بالدولة.
2- تحمّل سلطة الأمر الواقع مسؤولية انهيار مؤسسات الدولة، وتؤكد أنها تعيش في عزلة تامّة عن نبض الشارع، وبدل مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تخنق المواطن، اختارت الهروب إلى الأمام عبر محاكمات استعراضية لن تصمد أمام أي قضاء مستقل.
3- تندّد بتحوّل القضاء إلى واجهة لتبرير الاستبداد، بعدما جُرّد من استقلاليته وتحول إلى أداة لإضفاء غطاء زائف على أحكام سياسية ظالمة هدفها ترويع المعارضين وتكميم الأفواه وخنق الحريات، من أجل تأمين موقعها في الحكم بالقوة لا بالعدالة الاجتماعية و الإنجازات الاقتصادية.
4- تدعو كل القوى الوطنية، دون استثناء، إلى التكاتف في ظل هذا المنعرج الخطير من تاريخ البلاد، وتؤكد أن لا حلّ إلا عبر مقاومة سلمية شاملة لإنقاذ الدولة و الشعب من براثن الانحراف والفساد السياسي، وفرض مسار الحقوق والحرّيات والديمقراطية.
إن حركة النهضة، إذ ترفض هذه المحاكمات السياسية الظالمة، تجدّد العهد على مواصلة النضال مع كل الأحرار للتصدي إلى هذا المسار القمعي وإعادة تونس إلى درب الحرية والكرامة والعدالة.