•في التقرير السنوي للبنك المركزي لسنة 2024 أبرز محافظ البنك قدرة الصمود النسبي الذي اكتسبه الاقتصاد التونسي ومكّنه من مواجهة سياق عالمي مضطرب وتعزيز نموّه بفضل موسم فلاحي جيّد وتحويلات التونسين بالخارج ومقابيض السياحة.
توقع محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري، ان يتمكن الاقتصاد التونسي، الذي طّور نسبيا قدرة على الصمود في مواجهة الازمات العالمية، وعلى الرغم من السياق الدولي المضطرب، من تعزيز نمّوه الاقتصادي في سنة 2025 .
واشار النوري، في كلمة المحافظ الواردة في التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي لسنة 2024، ان تعزيز هذا النمو الاقتصادي يعود الى موسم فلاحي جيد، وتدعيم نشاط الخدمات وخاصة منها السياحة، فضلا عن انتعاش الانشطة المنجميّة .
واعتبر النوري، في سياق متصل، ان فتور النشاط الاقتصادي في منطقة الأورو، الشريك الرئيسي لتونس، من شانه أن يؤثر على نشاط الصناعات المعملية التصديرية.
ولاحظ النوري، في سياق التطرق الى السياسة النقدية ضمن هذا التقرير، انه على الرغم من أن المسار التنازلي للتضخم قد أحرز تقدما ملموسا دفع بالمركزي التونسي إلى التخفيض في نسبة الفائدة الرئيسية بـ 50 نقطة أساسية بتاريخ 26 مارس 2025 لتبلغ 7،5 بالمائة الا “أن المسار المستقبلي للتضخم لا يزال غير مؤكد”.
“كما لا يزال هذا المسار محاطا بالعديد من المخاطر التّصاعدية، لاسيما الزيادة العالمية للمواد الاساسية وارتفاع تكاليف الاجور والقدرة على إدارة اختلال التوازن في المالية العموميّة وتطّور وضعية الموارد المائية في تونس”، وفق ما بينه محافظ البنك في كلمته ضمن هذا التقرير الذي نشره البنك المركزي مؤخرا.
وشدد على انه من هذا المنطلق سيواصل البنك المركزي توخي الحذر والإبقاء على اليقظة في ما يتعلق بالمخاطر الداخلية والخارجية التي تؤثر على التضخم وسيكون على استعداد لاتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق استقرار الأسعار، كما سيواصل جهوده بحذر ومسؤولية لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي لتونس.
وسيعمل البنك المركزي من جانبه ، وفق النوري، على التنسيق الوثيق بين السياسات المالية والنقدية وسيظل جهة فاعلة رئيسية لبناء اقتصاد تونسي صامد وشامل ومتطلع إلى المستقبل.
وبالنسبة لسنة 2025، أكّد محافظ البنك المركزي التونسي ان التوقعات العالمية لا تزال هشة متأثرة بالتوترات الجيوسياسية المتصاعدة والسياسات الحمائية، لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية معتبرا ان هذه الأوضاع تهدد النمو العالمي الذي يُتوقع أن يكون محدودا، مما من شأنه أن يزيد من إضعاف سلاسل القيمة ويؤثر سلبا على ثقة المستثمرين.
يشار الى النوري تطرق خلال هذه الكلمة الى الاوضاع التي شهدها العالم وتونس سنة 2024 والتي اتسمت بوجود ظرف اقتصادي معقّد ومتقّلب في ظل استمرار حالة عدم اليقين. وعلى الرغم من هذا السياق الصعب سجل الاقتصاد العالمي نموا بنحو 3،3 بالمائة وبرهن على قدرة ملحوظة على الصمود.
ولفت الى ان تونس واصلت جهودها العام الماضي لتحقيق الإستقرار الاقتصادي الكلي وتمكنت من تسجيل تعافي معتدل للنمو بنسبة 1،4 بالمائة خلال سنة 2024 بعد الركود الذي شهده في سنة 2023 .
وتمكنت تونس من تحقيق هذه النتيجة ، وفق النوري، أساسا بفضل موسم فلاحي طيّب بالعلاقة مع تحسّن الظروف المناخية، إلى جانب الأداء الجيّد لقطاع الخدمات المسّوقة، وخاصة السياحة. وقد مّكن هذا التطور من تعويض تراجع مردود القطاع الصناعي، الذي تأثر بضعف نشاط الصناعة المعملية في منطقة الأورو وصعوبات قطاع الصناعات الاستخراجية.
ولاحظ النوري انه رغم هذا التحسن، يظل النمو الاقتصادي، غير كاف لاستيعاب البطالة، التي انخفضت نسبتها بشكل طفيف لتبلغ 16 بالمائة في نهاية الربع الثالث من سنة 2024 مقابل 16،4 بالمائة في نهاية سنة 2023
واتّسمت سنة 2024 باستمرار التحّكم في العجز الجاري، الذي تراجع إلى 2.425- مليون دينار أو 1،5 – من الناتج المحلي ال جمالي ُمقابل 2،2- بالمائة قبل سنة.
ويرجع هذا التحسن إلى الأداء الجيّد للقطاعات المدّرة للعملة الأجنبية ، وخاصة تدعم المقابيض السياحية وتحويلات التونسيين العاملين بالخارج. وفي المقابل، شهد عجز الميزان التجاري ، فوب – كاف، توسعا بحوالي 11 بالمائة مقارنة بسنة 2023 بالعلاقة مع انتعاش الواردات مقابل ركود الصادرات .
ومكّن الأداء الجيّد لأهم مؤشّرات الحساب الجاري لميزان المدفوعات من تعزيز مخزون الموجودات بالعملة الأجنبية لتونس التي بلغت 27،3 مليار دينار في نهاية سنة 2024 أي ما يعادل 121 يوما من التوريد مقابل 120 يوم قبل سنة ونتيجة لذلك شهد سعر صرف الدينار شبه استقرار مقابل العملات الرئيسية.
وفي مايتعلق بالمالية العمومية، فقد تقلص عجز الميزانية دون اعتبار التخصيص والهبات، الى 6 بالمائة من الناتج المحلي الجمالي في سنة 2024 .
وسجلت تونس انخفاضا لنسبة التداين العمومي بـ 3،4 نقا ط مئوية لتتراجع إلى 81،2 بالمائة من الناتج المحلي الجمالي ُمقابل 84،6 بالمائة خلال سنة 2023 .
