حضرة النائب المحترم، تحيّة لك ولمن معك.
وبعد، فإنّي أكتب إليك وأنت لا تعرفني، وأنا لا أعرفك ولم أنتخبك، ولكنّك صرت بقومك صاحب مقعد وصوت، فلا تكن صاحب سوط. وإن شئت أن تتقرّب من النساء في عيد المرأة فاهد لزوجتك ما تشاء، وساعدها في شؤون المنزل كما ترى، واتركنا وعيالنا نتصرّف بحرّية وحبّ ورحمة إذا قدّمنا لنسائنا ما استطعنا، ولا تسع لتفرض علينا قانونا يلزمنا بغسل الماعون والصابون وخيشة وسطل ماء، ولا تتدخّل في حياتنا العائليّة وتنغّص علينا علاقتنا الحميميّة. ويكفينا ما علينا حتّى لم يبق لنا عند الخصام والطلاق غير المغادرة بأيدينا على رؤوسنا. وحالنا من عهد بورقيبة، غفر الله له ما تجاوز فيه الشرع والعرف، في تقهقر وخسائر مقابل ما لهنّ من المكاسب المتزايدة بالجديد في كلّ عيد. وشبابنا العاطل جلّه عن العمل عاجز عن الزواج المكلف، ومتخوّف من سجن العمر. والقفص الذهبيّ صار قضبان حديد للمحكوم عليه بالنفقة، العاجز عن التسديد. ولا أخفي عليك سرّا إذا اعترفت لك ولأصحابك بأنّي لست وحدي الذي يساعد امرأته متى استطاع إلى مساعدتها سبيلا، ولا أفتخر بعوني لها إذا تغيّبتْ أو مرضتْ، وحتّى من دون سبب. وتلك الحياة إذا أردنا دوام المعاشرة كالميزان كفّة بكفّة، ويوم بيوم، وأخذ وعطاء، وتعاون وتكامل، وإلاّ فسدت العلاقة، وتشتّتت العائلة، وضاع المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وتضرّر المجتمع، وأضحى كلّ حرّ فيما يفعل، ولا حقّ لطرف على آخر إن أنت صاحبتَ أخرى وإن هي ضاجعتْ غيرك فيما كان فراشك، والأبناء المشتّتون يفعل بهم الفاسدون ما يشاؤون. فأيّ مستقبل للبلاد إذا الجيل الصاعد أصبح مهدّدا في تنشئته وتربيته وتعليمه وتشغيله؟
وبعد، مرّة أخرى، فإنّك إن حقّ لك أن تدّعي أنّك نائب الشعب بكماله وتمامه فإنّك في الواقع لا تنوب إلاّ من انتخبك، ولا تمثّل غير نفسك. والحمد لله على بعدنا عن بعضنا بعد الأرض عن السماء، ولا حاجة لي عندك أو مصلحة لي بك. وما انتخبتُ أحدا لهذا، غير أنّي قمت بالواجب كأيّها الناس مؤمّلا من حضرة الجناب غير ما سبق في هذا الكتاب. إنّنا لم ننتخبكم، أنتم وزملاءكم للسفاسف والهوامش، إنّما انتخبناكم لكبار الأمور لا لصغارها، انتخبناكم متوسّمين فيكم الخير العميم بسلطة تشريعيّة تؤازر البرامج التنمويّة، عادلة بين الجهات والفئات، تساند السيادة الوطنيّة، وترفع راية بلد حرّ مستقلّ، مشرّف بمواقفه، جدير بالاحترام على صغر أرضه وقصر بحره. ومهما توالت عليه الأزمات خرج منها بالإرادة والعزيمة والصدق والتضحية منتصرا على العدوّ الغاصب، ثمّ على الجهل الشامل والفقر الجاثم. ومهما كانت المشاكل والمصاعب والتحدّيات ستكون المواجهة بالعمل والصبر والثبات. والشرط الأهمّ هو الوحدة الوطنيّة من عائلة مطمئنّة إلى دولة مستقرّة.
ولنا رئيس منتخب، حفظه الله من أيّ مكروه، يسعى جاهدا ليلا نهارا لإصلاح أحوال العباد وضعاف الحال بعين بصيرة ويد قصيرة، بعد عشريّة الخراب بحكم الفاسدين والمنافقين الذين حسبناهم يخافون ربّي فأوصلناهم إلى البرلمان. فلا تكن، أخي النائب وأعضاءك، من جنسهم، ولا تفكّر مثلهم، ولا تلوّث شرفك بمطالبهم. واعمل لا لنفسك، ولا لأهلك، بل للوطن لتخرج بعد انقضاء الكلفة نظيفا من الشبهات، رفيعا عن المطامع والحسابات. ولك الاختيار، فإنّ للتاريخ بابيْن: باب المكرمات وباب النفايات، كما ليوم الله باب جنّات النعيم وباب صهدات الجحيم. والسلام من كاتب الجواب في 13 أوت 2025. وعيدك مبارك مع أهلك وأولادك، ولا تنس كأسك وصحنك. وتفضّلْ وافتخرْ، فأنت النائب بالبرلمان وأنا القائم بالأعمال.