روما “المدينة الخالدة” واحدة من العواصم العالمية المغرية بحضارتها العريقة، التي مازالت آثارها باقية الى حد اليوم، وبطقسها الدافئ، وجمال معمارها ورحابة ساحاتها التاريخية، بحدائقها الشاسعة ومتاحفها وكنائسها القديمة المنتشرة هنا وهناك وبعضها يحوز على كنوز ثقافية ورسوم ولوحات نادرة.
وتمتاز ايضا بالمقاهي المكشوفة والملاهي الليلية والمطاعم والفنادق والمحلات التجارية ودور العرض والمسارح والمتاحف الخ..
في جملة واحدة روما مدينة لكافة الاذواق والاجناس والاديان يحلو بها العيش.. وتكمن أهميتها بالنسبة للكاثوليك كونها تحتضن دولة مدينة الفاتيكان، دولة داخل دولة مساحتها 0.44 كم مربع ويقارب عدد سكانها 940 نسمة فقط، لها استقلاليتها وتدير كل مراكز العبادة وتتمتع بالحماية الامنية والعسكرية من طرف الدولة الايطالية.
ورغم كونها أصغر دول العالم سكانًا ومساحةً فهي تستقي دورها وأهميتها من كونها مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم والتي يربو عدد أتباعها على 1.147 مليار نسمة.
طقوس المناسبات الدينية لها تقاليدها التي توارثتها الاجيال وبالرغم من كون أعياد الميلاد أهم مناسبة دينية في المسيحية، إلا أن تقاليد الاحتفال بها أقدم من الديانة المسيحية ذاتها،فخاصية الاحتفالات بأعياد الميلاد هي ان بابا الفاتيكان نفسه الذي يباشرها شخصيا وتنقل تلفزيونيا الى الكاثوليك في كامل انحاء العالم، وتقام بالمناسبة احتفالات عامة وعائلية للكبار والصغار لتقبل الهدايا تحت شجيرات الصنوبر المضاءة بالفوانيس الملونة وتزدهر الحركة التجارية والتسوق وتتعطل الدروس بالمدارس والجامعات وتغلق المؤسسات والادارات ابوابها.
ينقسم تاريخ روما إلى عدة مراحل أبرزها مرحلة ما قبل التاريخ والتاريخ القديم والعصور الوسطى وعصر النهضة والعصر الحديث المبكر وأخيراً العصر الحديث. سكن البشر المنطقة التي بُنيت فيها روما منذ 5000 سنة على الأقل؛ ولا يعرف الكثير عن هذه الفترة أو عن تأسيس المدينة سوى ما زود به أسطورة رومولوس وريموس التوأمين الذين أرضعتهما الذئبة “لوبا كابيتولينا”.
طبقا لكتابات “ماركوس فارو” فإن تاريخ تأسيس روما هو 21 أفريل 753 ق.م.
تميزت روما العصور الوسطى بقيام الدولة البابوية والتي استمرت من القرن السادس تقريبا وحتى توحيد شبه الجزيرة الإيطالية في عام 1861.
ورغم الوجود التاريخي للفاتيكان، فإن هذا الوجود لم يصبح بالشكل المستقل المتعارف عليه اليوم، قبل 7 جوان سنة 1929، حين تمّ توقيع ثلاث معاهدات في قصر لاتران بين الحكومة الإيطالية التي كانت آنذاك فاشية بقيادة بينيتو موسيليني وممثل البابا بيوس الحادي عشر، الكاردينال بيترو كاسباري، وعرفت هذه الاتفاقيات باسم اتفاقية لاتران؛ نظمت الاتفاقيات الثلاث العلاقة بين الفاتيكان والدولة الإيطالية، ونصت على أن يكون الفاتيكان بحدوده الحالية، جزء مستقل عن الدولة الإيطالية ومدار من قبل البابا.
ونظرًا لأهميتها فقد أدرجت هذه الاتفاقيات في الدستور الإيطالي عام 1947.
وأدرجت دولة الفاتيكان، على لائحة اليونيسكو كإحدى مواقع التراث العالمي، وهي الدولة الوحيدة المدرجة بكاملها على اللائحة المذكورة.
بقلم: الحبيب المستوري