التاريخ الاستثنائي لمدينة البندقية ، من الأساطير حول تأسيسها الى انضمامها الى ايطاليا عام 1866 لتتربع على عرش الرومنسية والرفاه..
البندقية “فينيسيا Venezia”، أو المدينة “العائمة” في شمال إيطاليا باقليم فينيتو، سمِّها ما شئت كل الأسماء تدل على عراقتها وجمالها ورومانسيتها.
فهي في كل الأحوال واحدة من أكثر المدن استثنائية في العالم..
هذه المدينة هي إحدى العجائب المدهشة وملاذ السياح الحالمين وعشاق حياة الرفاه والرومانسية والتاريخ المجيد. وأجمل مكان للمتزوجين حديثا لقضاء شهر العسل يأتونها من كامل أركان المعمورة..
وكما قال الشاعر “تبا لمن تطأ قدماه ميدان القديس سان ماركو”.. (الساحة الرئيسية داخل المدينة).
وتعد البندقية “فينيسيا” من أجمل مدن العالم، نظرا لتراثها الحضارى والفني التي ترعاها منظمة اليونسكو، الأمر الذي جعلها ثاني مدينة إيطالية بعد روما من حيث ارتفاع نسبة التدفق السياحي من أنحاء مختلفة من العالم.
ظلت المدينة لأكثر من ألف عام عاصمة “جمهورية البندقية” (697–1797)، وكانت تعرف باسم ملكة البحر الأدرياتيكي.
تتكون البندقية من 120 جزيرة تقع على بحيرة كبيرة بين البر الرئيسي والبحر.
في الأصل كانت منطقة البندقية تحتلها ركائز متينة ويسكنها السكان الإيليريون والفينيسيون ، الذين كانوا يعيشون على صيد الأسماك واستخراج الملح.
ولدت مدينة البندقية الشهيرة في وقت الظهيرة من يوم الجمعة 25 مارس سنة 421 ميلادية، وكان ذلك التوقيت مجرد بداية التاريخ الطويل والغني لمدينة البندقية.
وتظل البندقية لغزاً جميلاً للسياح الذين قاموا بزيارتها بالفعل كما هو الحال بالنسبة لأولئك الذين لم يقوموا بزيارتها بعد، حيث يبدو من المستحيل لمدينة كبيرة كهذه أن تطفو في بحيرة من الماء ترتكز بناياتها فوق سيقان الأشجار تسمى “خوازيق الخشبية” والمستنقعات.
ويفخر أهل مدينة البندقية بما قاله الكاتب الروسي الشهير ألكسندر هيرزن: “يعد بناء مدينة في موقع، يستحيل البناء فيه، جنون في حد ذاته، ولكن أن تبنى واحدة من أكثر المدن أناقة وروعة، فإن ذلك هو جنون العبقرية”.
وبالفعل، لا تزال هناك العديد من المباني في مدينة البندقية المبنية فوق أساسات من الخوازيق الخشبية يزيد عمرها عن 1000 عام.
شوارعها مياه والتنقل فيها بالمراكب لكن يبقى
الجندول الوسيلة الرومنسية المحببة للزوار لتنقلات في أنهج المدينة العائمة عبر العصور.
انتشرت العلاقات التجارية مع المسلمين على مر السنين ، حتى بعد المحظورات التي أصدرها مجلس لاتران (1261).
مع تجارة الحرير والتوابل في القسطنطينية (بيزنطة القديمة) والإسكندرية ، شهدت البندقية قوتها الاقتصادية تنمو بشكل كبير ، أيضًا بفضل نقل الأسماك والمنسوجات والخشب والحديد (المستخرج من جبال الألب).
وكان بيع الرقيق في شمال إفريقيا، والاتجار بالبشر بين الإسكندرية وتركيا من أكثر الأنشطة التجارية إنتاجية بالنسبة لاقتصاد البندقية.
كان تمثيل هذا العصر الذهبي هو سك الدوقية ، في عام 1284 ، والتي كانت على مدى ثلاثة قرون ، إلى جانب الفلورين ، واحدة من أهم العملات المعدنية في العالم.
إذا كان غزو القسطنطينية هو بداية أوجها، فإن خسارتها عام 1453 ، على أيدي الأتراك ، حيث بدأت في التراجع الجامح. يضاف إلى ذلك اكتشاف أمريكا ، التي غيرت المصالح التجارية الدولية جيوسياسيًا.
تمكنت الإمبراطورية العثمانية آنذاك من التوسع على طول البلقان وتهديد البندقية بشكل خطير من قبل الغزو العثماني.
في عام 1570 ، أُجبرت على مغادرة قبرص التي احتلها الأتراك.
بعد ذلك بوقت قصير ، سقطت جزيرة كريت وممتلكاتها الأخيرة في بحر إيجا. في عام 1573 ، أُجبرت البندقية على توقيع اتفاقية سلام مع العثمانيين.
في 19 أكتوبر 1866 ، تم التوقيع على معاهدة البندقية ، والتي تنازلت النمسا بموجبها عن البندقية لفرنسا وهذه بدورها لإيطاليا.
في نفس العام ، مع الاستفتاء ، أصبحت البندقية بشكل نهائي جزءًا من إيطاليا.
بقلم الحبيب المستوري