
تمر الايام مسرعة ونحن ننتظر، حياتنا أصبحت كلها انتظار وانتظارات، في كل مناحي الحياة.
الانتظار لعبة لعينة، وكل انتظاراتنا فاقدة للمعنى في حقيقتها..
انتهى حكم بورقيبة وبن علي رحمهما الله، وانتفض الشعب وحقق نتيجة باهرة محملة بالآمال التي أكلت في النهاية ما تبقى من تفاؤلنا..
لأن الفقير والعاطل عن العمل وفاقد الحرية وجدوا أنفسهم بصفة متفاوتة طبعا، كالعادة أو أقل بكثير من الذي تعودوا عليه.
انتظرنا احدى عشر سنة عجاف لأن تذهب هذه المنظومة التي فشلت، الى أبعد الحدود، في ادارة البلاد وتحقيق العيش الكريم وانتظارات الشعب..
وجاءت قرارات 25 جويلية التي جمدت كامل أعمال البرلمان وسحبت حصانة النواب واعفاء رئيس الحكومة آنذاك هشام المشيشي، وخرج الشعب مهللا فرحا بما سمي بتصحيح المسار مؤملين خيرا في هذه التدابير ولكن التعقيدات والحفر التي وجدت بكثرة في دستور 2014 حالت دون اتمام مشروع الرئيس بالسرعة الكافية!
وبقينا نترنح بين فصول الدستور المعقدة ومحاسبة الفاسدين والذين اجرموا في حق الشعب المفقر ومن دنسوا الانتخابات بالمال الأجنبي، والمعركة مازالت قائمة وتزداد حدة كل يوم، بين المجمدين وانصارهم، وبين رئيس الدولة الانقلابي، حسب رأيهم، ولكن الأمر محسوم الى حد اللحظة للرئيس قيس سعيد الذي بيده السلط الرئيسية وأحكم السيطرة على مقاليد الحكم.
نستخلص من سرد هذه الأحداث عبرٌ وفوائد جمّة، وهي في نظري، عدم اسقاط كل شيء واعادة البناء من جديد، لان فعل ذلك يتطلب امكانيات رهيبة، بل من المفروض ان نبني على الموجود بأن نصلح هناته ونرممه.
ثورات اليوم غباء وقصر نظر، فلا تنتظر حتى يأتي أحدهم ليخبرك بمدى روعة حياتك ومنزلك وعائلتك ووطنك..
واليكم هذه القصة اللطيفة: قرر فلاح سئم من الروتين اليومي المعتاد بين الحقول والعمل الشاق بيع ممتلكاته … قرر أن يطلب المساعدة من جاره الذي يمتلك مهارات شعرية فطرية لكتابة الاعلان المناسب…
قبل الجار الشاعر بكل سرور وكتب له لافتة تقول: “أنا أبيع قطعة صغيرة من السماء ، مزينة بالزهور الجميلة والأشجار الخضراء ، مع نهر بمياه عذبة ونقية لم تره من قبل …
” بمجرد أن فرغ من ذلك ، غاب الشاعر عن بيته لبعض الوقت، وعند عودته قرر الذهاب لمقابلة جاره الجديد.
كانت دهشته هائلة لرؤية المزارع المعتاد ينخرط في عمله الزراعي.
ثم سأل الشاعر: “يا رجل ، ألم تبتعد عن عقارك؟”
رد الفلاح مبتسما: “لا ، يا عزيزي الجار ، بعد قراءة اللافتة التي كتبتها ، أدركت أن لدي أجمل قطعة من الأرض وأنني لن أجد قطعة أخرى أفضل”.
– فليبارك الرب هذه القطعة الصغيرة من السماء التي هي حياتك.
– لا أعرف من كتبها باللغة الايطالية، لكن رأيت من الجميل مشاركتها.