
هذا المطار الهرم او طويل العمر، الذي شيد ايام كانت المطارات لا تشبه مطارات اليوم في الهندسة وفي نوعية الخدمات.
وكانت مستويات مطارات العالم الثالث متقاربة في بداية السبعينات وقفزت بعد هذا التاريخ وانجزت خطوات عملاقة الى الأمام بسبب البترودولار والنمو المطرد للسياحة العالمية ونقل البضائع، ولكن يبقى موضوع مطار النفيضة الذي انجزه الاتراك زمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي رحمه الله، وبقي استغلاله محل أخذ ورد ولم يصبح كما كان مبرمجا له ان يكون مركز اشعاع ومحوّل حقيقي ورابط بين افريقيا وباقي القارات، ولم تنجز حوله بقية البنايات كالفنادق والمحلات التجارية والمطاعم والخدمات السياحية، ولم يتم ربطه عضويا بالمنطقة الصناعية بالنفيضة التي انجزت ولم تؤدي المهمة التي ولدت من اجلها ولم ينجز ميناء المياه العميقة.
ولم يستغل الى حد الان الاستغلال الكامل، لان شركات الطيران رفضت نقل خطوطها نحو مطار النفيضة لتعقيدات لوجستية بالاساس.
والضربة القاتلة لهذا المطار العصري، الذي تفوق طاقة استيعابه للمسافرين امكانيات مطار تونس قرطاج الدولي، هي البنية التحتية، وعدم اتمام مشروع القطار السريع الذي كان مبرمجا ليربط المطار بالعاصمة نظرا للمسافة الكبيرة التي تفصلهما.. وكذلك الربط مع الحمامات وسوسة والمدن الساحلية.
اتذكر خلال زيارتي لاول مرة الى ايطاليا عام 1981 تفاجأت بوجه الشبه بين مطار روما ومطارنا الدولي آنذاك، كان عاديا للغاية وله نقطة عبور واحدة ونقطة خروج واحدة، وهناك ساحة امام المطار تستعمل كمربض للسيارات التي تنتظر وصول الطائرات التي تصل بين الحين والاخر.
لكن القفزة الكبيرة لمطار روما حصلت بمناسبة احتضان ايطاليا كأس العالم لكرة القدم عام 90، حيث تمت توسعة مطارات ايطاليا وطرقها السيارة والفنادق ومرابض السيارات العصرية اللولبية، وتوجه الاهتمام لمطار روما بصفة خاصة، فهو يمثل وجه البلاد بامتياز وتمت اعادة تهيئته ليأخذ شكلا هندسيا جديدا وتم تعصير وتسريع الخدمات لملايين المسافرين يوميا.
اما مطار تونس قرطاج الدولي الذي انجز في سبعينيات القرن الماضي على مساحة تقرب 830 هكتارا وسط احياء سكنية بعضها متاخم جدا.
ورغم خمسة عقود من العمل المتواصل لم يتغير شكله ولا هندسته ولا حتى مربض السيارات الا القليل، اما فكرة توسعته فبقيت محل اخذ ورد بين المسؤولين.
وهناك من ذهب للتخلي عنه نهائيا وهدمه وبيع اراضيه، لأن هيكله العظمي غير قابل للتنويع او اعادة تشكيله وتوسيعه بالكيفية اللائقة، والشروع مباشرة في بناء مطار جديد بولاية بنزرت..
فمتى ستتحقق فكرة بناء مطار عصري لتونس الجديدة، مطار يعطي الوجه الحقيقي لبلد سياحي هام ولتطوير الخدمات اللوجستية والاستقبال وراحة المسافرين والعاملين بالمطار.
تركة ثقيلة انتجها ثم تركتها منظومة الفساد والفشل خلال العشرية الماضية جعلت بلادنا لم تتقدم خطوة الى الأمام بل تراجعت الى الوراء بخطوات كيلومترية في كل مناحي الحياة.