بقلم:الحبيب المستوري
يقال عند العرب ان الشجاع من يخلق من اليأس أملاً، لأن اليأس فيه طَعم الموت ولأن الشجاعة فيها معنى الحياة.
ادارة أزمة كوفيد في تونس لم تكن سهلة ولم توجد استراتيجية وطنية لمقاومتها لتدارك النقص في البنية التحتية والتجهيزات في الاطار الطبي في بعض الاختصاصات وحتى الاهتمام بوضعيات المغادرين والكفاءات الطبية المهاجرة من العمومي للخاص او الى خارج الذي يغري بالمال ويوفر التقدم التكنولوجي والخبرة وزيادة الخير كما يقال..
وعليه لم تستطع الحكومات المتعاقبة اصلاح أي شيء وبقيت تتفرج والفيروس يضرب بشدة ويقتل الالاف من التونسيين ولم يكونوا قادرين حتى على توفير التلاقيح في الابان بل تراخت حكومة الفخفاخ وبعدها حكومة المشيشي معللين ان في العجلة الندامة والمفروض التأني لان دم التونسي عزيز..
وكانت المستشفيات تشكو من الامتلاء والاكسيجان يشكو النقص ونجد رئيس الحكومة وبعض الوزراء يشكون من الفراغ الذهني ويقضون اجازاتهم بالخارج او بالفنادق غير عابئين بما يحدث من آلام وسقوط ضحايا كوفيد في كل حين.
فشل حكومي ذريع في كل القطاعات لأن انضمام هشام المشيشي الى المجموعة الفاشلة وادار ظهره لولي نعمته ومن خلقه من عدم، وياليته ما فعلها، لان حالة الدولة وخاصة القطاع الصحي في ذلك الحين يستدعي الرعاية الكاملة ولكن المصالح الشخصية طغت على المصلحة الوطنية.
ومما زاد الطين بلة تصرفات النواب خاصة كتلة ائتلاف الكرامة التي عاثت فسادا داخل المجلس النيابي وخارجه، من الاعتداء بالضرب على عبير موسى الى ما سمي بغزوة المطار والتهديدات المباشرة لرئيس الدولة وغيرها من الافعال المهينة للسلطة التشريعية.
وأصبحت منظومة الحكم كلها فاشلة بل فاسدة ورذّلت الحياة السياسية والبرلمانية.
لكن الشعب بدأ يسمع صوته تارة بالاحداث الليلية وتارة اخرى بالتظاهر في وضح النهار والشعار واحد اسقاط المنظومة الحاكمة برمتها وهذا ما حصل تقريبا عندما قرر رئيس الجمهورية وضع حد لهذه الوضعية الشائكة في الخامس والعشرين من جويلية وما تلاها في 22 سبتمبر و13 ديسمبر.
هل تغيرت الامور بعد 25 جويلية؟ نعم والى الأفضل رغم اكراهات دستور 2014 المفخخ..
لكن لا يمكن لأي كان فعل اكثر مما كان، من جهة الفصل 80 الذي لا يمكّن الرئيس من حل البرلمان، وهو الكارثة العظمى وسبب كل علة، ومجاراة الرأي العام الدولي، الذي لا يرى داعيا لحل البرلمان وكأن حالة الفوضى تعجبهم لانها تضعف الدولة وتخلق عدم الاستقرار الذي أصاب ما سموه بالربيع العربي، الذي تحول في كثير من البلدان الى ربيع الخراب.
أهم انجازات قيس سعيد بعد 25 جويلية:
اعادة ترتيب الوضع الصحي وجلب اللقاحات والاكسيجين بفضل نداءات الاستغاثة واستجابة البلدان الشقيقة والصديقة وتمكنا بفضل كفاءة اطاراتنا الطبية وشبه الطبية والحماية المدنية للخروج من ازمة كثرة الاصابات والوفيات، وأصبح لدينا استقرار في حالات الاصابة وقلّت الوفيات.
ولكن معارضي الرئيس يتهمونه بكونه ارجى تدخله حتى يقوم بالانقلاب حسب ادعاءاتهم!!
الانجاز الثاني ولادة حكومة فوق كل الشبوهات ترأسها السيدة نجلى بودن..
واخيرا وليس اخرا الاعلان عن حزمة من الاجراءات يوم 13 ديسمبر تنتهي بانتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022 مع الابقاء على البرلمان مجمدا والقيام باستشارة واستفتاء ومحاكمة الفاسدين، الخ..
وكما ترون يواصل قيس سعيد طريقه وتنفيذ خططه ببطء وسط أجواء متقلبة يشوبها الغموض وتتميز بالكراهية والاتهامات المتبادلة، ومنظومة العشرية السوداء تطل من جديد للانتقاد والتظاهر والمطالبة بفك تجميدهم والرجوع الى ما قبل 25 جويلية ويضغطون وطنيا وخارجيا من أجل ذلك حتى بالتهديد والوعيد وما خطير جدا ما صرح به رئيس الجمهورية عن رصد مكالمة تشير الى تنفيذ اغتيالات وربما هو نفسه من بين المستهدفين..
مشاكلنا بكل ثقلها ليست بدعة وقدرنا ان لا نستأنس بها بل نقدم على حلها ولا نقبل بها، فكل بلدان العالم او العالم نفسه مر بأزمات لكن سرعان ما يتغلب عليها، اما نحن فتغمرنا المشاكل ونتعود عليها، ﻧﺮﻯ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﻭﻧﻌﺸﻖ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﺩ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ
بل قل تزداد المشاكل حدة وتعقيدا مع مرور الزمن..
فلنترك الرجال يشتغلون ونمشي جوار الزمن دون أن يكون الأمر سباقاً، يكفي فحسب اسكات الاصوات الناعقة بالعمل وتحقيق الأفضل لهذا الشعب الصابر على المحن والطعن في الظهر من طرف أناس انتخبهم وتوسم فيهم الخير.