لم يكن هناك من مهرب من وضع المبادئ الواردة في قانون المالية الجديد ولعل ما يحسب للحكومة انها حين وضعت تلك النقاط انها نجحت في السير على الالغام دون ان تنفجر في وجهها ..
اول لغم كان يتمثل في سلسلة الاشتراطات التي وضعها صندوق النقد الدولي لمواصلة اقراض تونس وتتمثل في تخفيض كتلة الاجور وتخفيض الدعم وخوصصة المؤسسات العمومية وقد اجابت الحكومة الصندوق بترشيد توزيع مواد انتاج الخبز من خلال فرض اداءات اضافية على محلات صنع المرطبات والتي تستهلك كميات هامة من الفارينة المدعمة لتبيع منتجاتها باسعار خيالية احيانا فهي ستعيد للدولة ما تمتعت به من مكاسب دون وجه حق من صندوق الدعم دون ان تغلق ابوابها ويتشرد عمالها وما ستستفيد منه الدولة من عائدات ضريبية من هذه المحلات وما اكثرها سيتم توجيهه لاسناد صندوق الدعم مع ما سيتم اقراره من زيادات لن تكون بالشكل الذي تم الترويج له سابقا والذي سيسكب الزيت على نار الاحتجاجات الخامدة والتي ستضطرم ان رفعت الدولة في اسعار المواد الاساسية.
ثاني الالغام هو اتحاد الشغل الرافض لتخفيض كتلة الاجور والذي هو اجراء غير ممكن في ظل الاوضاع التي تعيشها تونس لذلك سعت الدولة إلى الاستعاضة عنه بالتشجيع على التقاعد المبكر لتخفض بصورة كبيرة من اعداد العاملين في القطاع العام مع تشجيع من يبلغ 57 عاما على الخروج من القطاع العام لبعث مشروع وهو ما جاء به الفصل 15 من المرسوم تحت عنوان “تشجيع الأعوان العموميين على بعث المؤسسات” وايضا من خلال مختلف الإجراءات التحفيزية الواردة فيه والتي تشجع حتى على بعث مشاريع في الجهات الداخلية من خلال تحفيزات أكثر تتمثل في التمتع بنصف المرتب لمدة سنتين.
كما تم السير نحو خوصصة المؤسسات العمومية عبر تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال إحداث “صندوق دعم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص” الذي سيمول الدراسات وخدمات المساندة والمرافقة المسداة من قبل الخبراء ومكاتب الدراسات، في مجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والتي لن تكون فقط موجهة إلى مشاريع جديدة لا تقدر الدولة لوحدها على تكلفتها بل من خلال تيسير اقتناء الخواص لنسب من راس مال المؤسسات العمومية المتعثرة.
ما يحسب للدولة انها لم تخضع لاي لوبيات ولم تراع الحسابات السياسية واعتمدت فقط على معطيات تقنية لو اتبعتها الحكومات السابقة لما كان هذا حال تونس والتونسيين.
عبد الحميد الفلاح
