
العالم العربي ليس بخير أبدا، وأستطيع القول بأنها المنطقة الأكثر تعاسة اليوم في هذا العالم الذي يحاول لملمة جراحه بعد جائحة الكورونا، التي تشبه في آثارها الحرب العالمية الاولى والثانية، وقد زادت الحرب الروسية الاوكرانية من أوجاع البشرية، ومن مآسي العرب الذين يعتمدون في غذائهم على قمح الجارين اللدودين..
لم يكن العالم العربي بخير قبل الجائحة، وقد تحوّل الأمل الذي صنعه الربيع العربي إلى يأس قاتل في التغيير نحو الافضل، وبعد موجة الثورات التي أسقطت جيلا من الأنظمة الاستبدادية العربية، جاءت موجة أخرى لتخرّب تجارب الانتقال الديمقراطي الواحدة تلو الأخرى، ولتسقط عددا من الدول في أتون حروب أهلية مُدَمّرة، فيما أعادت أخرى إلى حال الاستبداد من جديد، ومثلما انطلقت شرارة التحول الديمقراطي من تونس، انتهت فيها بعد انقلاب 25 جويلية على دستور جمهوريتها الثانية وإيقافه مسار التحوّل الديمقراطي..
حتّى الدول العربية الغنية بمواردها النفطية لا تبدو بخير..لا السعودية ولا العراق ولا الجزائر ولا ليبيا بخير.. إما دفعت الى حرب خارجية في منتهى المأساوية، أو إلى حرب داخلية منهكة وبلا نهاية، أو إلى فتنة داخلية وتهديدات ارهابية وصراعات بينية مع الشقيقة الغربية، أو إلى تنازع سياسي وعسكري كلما ظن الناس أنه سينتهي قريبا اشتعل من جديد..
غلاء الأسعار الفاحش ووصفات صندوق الدولي الجاهزة والموحدة والقاضية غالبا برفع الدعم عن الفقراء وتحرير العملة الوطنية والإنقاص من عدد الموظفين العموميين وتحرير التجارة وغيرها من الإرشادات العمياء التي لا ترى في الاقتصاد الوطني والمالية العمومية سواء ارقام ومؤشرات باردة، تهدد دولا مثل مصر ولبنان وتونس والمغرب ودول عربية أخرى لا تعتمد على ريع الموارد الطبيعية بدرجة أساسية، جميعها مهددة بالعجز عن تسديد اقساط ديونها، الخارجية خاصة، واجور موظفيها الشهرية، وتشكو شعوبها من انهيار الطبقة الوسطى وغلاء الأسعار وسحق الفقراء..
طائفة ثالثة من الدول العربية كاليمن والصومال والسودان وسوريا، مزَّقتها الحروب الأهلية خاصة، ولا تبدو ورشات اعادة إعمارها ممكنة في القريب المنظور..
هذه هي اللوحة السوداء لعالم عربي ضائع بلا مشروع حضاري وطني او قومي وبلا قيادة أو حتى ايدويولوجيا ورؤية مستقبلية.. هل يمكن ان يقود هذا الخراب إلى اعادة بناء ونهضة جديدة، في ظل نظام دولي جديد بصدد التشكل..
لطالما كان منتهى اليأس مقدمة لحركات الإصلاح والامل..
