
انتظم صباح امس الاحد بمقر ودادية خريجي المدرسة الوطنية للإدارة موكب احياء الذكرى الثانية لوفاة المرحوم حامد القروي 1927-2020) المناضل الدستوري الوزير والوزير الأول ورئيس بلدية سوسة ورئيس جمعية النجم الساحلي…
منظمو الاحتفال لم يخطئوا حين وضعوا الموكب تحت شعار ” حامد القروي مسيرة زاخرة وثرية “.
فالفقيد أكبرمن ان يختصر في قائمة ولو طالت من عناوين او مسميات المسؤوليات التي تحملها سواء في حكم بورقيبة او بن علي.
لقد جمع حامد القروي بين خصال عديدة اهلته ان يصبح وجها سياسيا مثاليا متقدما على زمانه.
كان شديد التعلق بمدينته سوسة التي كرس سنوات طويلة من مسيرته النضالية في خدمتها ولم يتول عنها حتى حين دعي للاضطلاع بمهام وطنية كبرى، معطيا بذلك مثلا في أهمية تعلق المسؤول بجهته وتجذره في واقعها كمنطلق أساسي لخدمة البلاد كلها.
لم يكن حامد القروي ممن يجرون وراء المناصب السياسية وكان يجد مبتغاه ورضاه في مهنته الطبية في سوسة، لكن الرئيس بورقيبة أراد غير ذلك وقرر سنة 1986 تسميته وزيرا للشباب والرياضة فانتقل الى العاصمة وكانت بداية مسار طويل تحمل خلاله اهم وادق المسؤوليات من حقائب وزارية الى مدير الحزب الاشتراكي الدستوري، ثم في نظام الرئيس بن علي، وزيرا للعدل فوزيرا اول فنائبا لرئيس التجمع الدستوري الديمقراطي.
“جاءته المسؤوليات طائعة طيعة” كما قال احد المتحدثين في االاحتفال ,لكنها قطعا لم تأته صدفة او مجانا بل بفضل ما كان يتمتع به من حضور واحترام ومصداقية.
كل المشاركين الذين ادلوا بشهاداتهم اكدوا على البعد المنهجي الواضح والصارم الذي ادخله حامد القروي على عمل الحكومة والذي كان له التأثيرالحاسم والمباشرعلى أداء و مردودية مختلف وهياكل الدولة ودواليبها، فارضا التشخيص الدقيق والمعالجة المناسبة التي تعتمد التشاور والتوافق حول المسائل الكبرى و الحيوية.
لم ينس حامد القروي السياسي المباشر لمسؤولياته الوطنية تكوينه الطبي في المدارس الفرنسية حيث تربى على العقلانية والالتزام بالنتائج، لذلك كان يكره الدمغجة ويبغض الخطب الجوفاء
إثر قيام الثورة اظهر حامد القروي جانبا في شخصيته لم يكن يعرفه فيه الناس وابدى شجاعة نادرة في مجابهة الغوغائيين الذين ركبوا حصان” الثورجية ” لترويع كل من تحملوا مسؤوليات في النظام السابق وقال قولته الشهيرة “يا دساترة ارفعوا رؤوسكم” قبل ان يؤسس في اعقاب ذلك” حزب الحركة الدستورية” مصححا بذلك خطأ تاريخيا ومعيدا مكانتهم الشرعية للدساترة.
وانه من الغريب ان يتغيب عن هذا الاحتفال قياديو الصف الأول من الحزب الدستوري الحر الذي يبقى وليد الحركة الدستورية.
عدد كبير من الذين عملوا تحت اشرافه اخذوا الكلمة بهذه المناسبة ليعددوا مناقب الفقيد من بينهم الشادلي النفاتي الوزير الأسبق وأمين عام التجمع، والهادي الجيلاني الرئيس الأسبق لاتحاد الصناعة والتجارة.
الأول ذكر حس الدعابة عند الفقيد كأداة لتنسيب الأشياء والاستعانة لتجاوزالصعاب, والثاني توقف عند الدور الذي لعبه حامد القروي منذ 1973 لتهيئة أسس انطلاقة اقتصادية وطنية.
الاحتفال الذي حضرته عائلة الفقيد وجمع من أصدقائه ووجوه من النظام السابق كان رغم بعض الطول مميزا انطلق بعرض شريط وثائقي عن مسيرة الفقيد واسهاماته في مختلف ميادين العمل والنضال، وفيه وقع تركيز على بعض الوجوه التي التقاها الفقيد وكان لها وقع خاص في مسيرته، ومن بين تلك الوجوه الزعيم نلسون منديلا.
لماذا التركيز على منديلا؟ ربما لان الفقيد كان يؤمن بمثل ما كان يؤمن به البطل الجنوب إفريقي من ان المصالحة السياسية الكاملة شرط بناء دولة المستقبل.
