
ها نحن في المازق الذي كنا نخشاه.
من ناحية اولى، هذا مجلس نواب الشعب، غير معترف بحالة التجميد التي وضعه فيها رئيس الجمهورية، يتاهب للمصادقة على قانون-الاول لسنة 2022- متعلق ب”إلغاء الاوامر الرئاسية الصادرة في 25 جويلية 2021».
من ناحية اخرى مقابلة، يحذرالرئيس سعيد بحدته المعهودة رئيس مجلس النواب ومن ورائه كل اعضاء المجلس الذين انضموا او قد ينضمون الى جلسة غد الاربعاء للمصادقة على القانون المقترح بان اعمالهم لاغية مسبقا باعتبار تجميد مجلسهم بمفعول القرارالرئاسي ليوم 25 جويلية.
الرئيس سعيد سارع برد الفعل في حركة استباقية اولى لافشال تحرك المجلس الذي يبدو واضحا انه قد استعاد بعضا من قوته التي ربحها على حساب صعوبات الرئيس المتواصلة على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية خصوصا وفشل استشارة ارادها العلامة المميزة لسياسته الجديدة.
الرئيس سعيد يحاول الاقناع بصواب قراره تجميد مجلس النواب غير ان دعوته لمجلس الامن القومي لتبرير هذا القرارمرة اخرى يشير الى خلاف ذلك ويوشي باحساسه بالتسرع يوم 25 جويلية عندما اعلن عن التجميد وترديده “عدم الرجوع الى الوراء”.
لقد كنا وما نزال نرى ان تجميد مجلس النواب كان خطأ سياسيا لان لا دولة في العالم تسير دون هيكل تمثيلي في القرن 21 وبالتاكيد حين تكون دولة ديمقراطية.
صحيح ان العمل في المجلس لم يكن يسيرحسب افضل السبل واقوم الممارسات.
صحيح ايضا ان انحرافات في الخطاب تمت وان عنفا ماديا مورس.
لكن ذلك رغم مخاطره وما يشكله من اساءة للعمل البرلماني ومن مس بصورة المؤسسة التشريعية فانه يبقى اقل ضرر للبلاد وسمعتها من تجميد برلمانها وتعطيل نشاطه.
اي ان برلمانا سيئ خير من برلمان مغلق.
لم تعد المسالة بعد مرور اكثر من ثمانية اشهرعلى عملية التجميد والتغييرالخطير الحاصل على الساحة العالمية والمنذر باسوإ العواقب علينا مسالة تاويلات فصول في دستور البعض منه مقبول والبعض الاخر مرفوض, او هو مسالة اختلافات بين مدارس قانونية.
ان المسالة اصبحت مسالة تواصل ووجود بلادنا الواقفة اليوم امام خطر الانقسام والعنف والتصادم بوجود شرعيتين وشقين وشعبين.
لقد نجح الرئيس سعيد في اعتماد معاناة ومصاعب الشعب التونسي لتحميل مجلس النواب المسؤولية ويجمده تحت تصفيق وابتهاج الشارع الذي لم يكن يستطيع مزيد الاحتمال.
لكن الصعوبات تواصلت وتفاقمت والبطالة زادت والاسعار ارتفعت اكثر من قبل و الفساد لم ينفك يتضاعف.
وإذن؟ نحن في مازق لم نعرف له من قبل مثيلا. والحل يبقى بين يدي رئيس الجمهورية رمز وحدة التونسيين التي لا يمكن تركها تهدم ويعبث بها بسبب انانية داخلية او مصالح خارجية.
الرئيس سعيد مطالب بمنع حريق قد يشتعل فياتي على الاخضر واليابس ولا نرى ذلك الا بجمع كل الفاعلين وفتح الحوار.
انها مسؤولية تاريخية لا تنتظر التاويل ولا التاجيل.
