شغل وزيرا عدة مرات تحت بن علي و الباجي قائد السبسي و تنقل بين عدة عواصم ممثلا ديبلوماسيا لتونس، علاوة على وظيفته كاستاذ جامعي في القانون والتي بدأ بها مسيرته الثرية.رجل عميق الفكر، ذكي القلب، جريئ لا يخاف الاصداع بالحق.
و هو وطني حقيقي يريد ان يرى بلاده تجد طريقها نحو الاصلاح والتقدم بعيدا عن الصراعات الجوفاء و محاولات التقسيم و الاقصاء.
بكل هذه الميزات لا يمكن تصور حاتم بن سالم الذي يحظى باحترام الطبقة السياسية يقبل الجلوس على الربوة ليكتفي بدور المشاهد السلبي، بل انه يحمل مشروعا قد يبلوره قريبا في صيغة برنامج وطني يشمل سبعة محاور.
التقيناه و طلبنا منه تقديم هذا البرنامج في خطوطه العريضة.
يبدا حاتم بن سالم بالتاكيد على انه لا يجوز الحديث اليوم عن اصلاحات و لا عن مستقبل اذا لم تتوفر القاعدة المالية اللازمة لانجاز ما نطمح اليه من برنامج، و هذه القاعدة المالية يجب ان تكون تونسية تنتطلق من واقعنا التونسي.
كيف نوفر هذه القاعدة؟ باصلاح ثوري للنظام الجبائي اعتمادا على شرطين اثنين لا مناص من توفرهما: الانصاف و الشفافية.
ربما لا يعلم التونسيون ان نظامنا الجبائي هو النظام الجبائي الفرنسي للسنوات الخمسين، ورثناه عن نظام الحماية ولم ندخل عليه سوى بعض التحسينات الطفيفة quelques toilettages في حين انه عرف تغيرات عميقة في بلاده الاصلي.
اصلاح النظام الجبائي على اساس الانصاف و الشفافية اصلاح جُرّب فصحّ و طبق في بلد كان يُعدّ من افقر بلدان الاتحاد الاوروبي، إن لم يكن افقرها، فاصبح احد تَنانين اروبا: انها ارلندا التي تحولت بفضل هذا الاصلاح الجبائي الى اكثر الاقتصاديات فاعلية و جاذبية للاستثمارات.
عمليا يعتمد هذا النظام الجبائي على نسبة قارة لا تتغير و تُطبق على الجميع مهما كان حجم ثروة الشخص المعني بالامر.
و هذا النظام لو وقع تبنيه لامكن لنا القضاء على كل المصاعب والمعوقات التي تعترضنا و تحول دون انطلاقة اقتصادنا الفعلية.
نعطي الحرية كاملة لكل من يريد تعاطي اي نشاط اقتصادي او مالي و لكن على قدر الحرية المعطاة يكون العقاب المستجوب.
وبهذه الطريقة نقضي على التجارة الموازية والتحايل في دفع الضرائب و الغش والمتاجرة، و نعيد في نفس الوقت للدولة قوتها و الثقة في مؤسساتها الرسمية.انها عقلية جديدة سوف تولد بفضل هذا الاصلاح تنهي عقلية “الترافيك”المعششة و تمكن، وهو الاهم، من رفع مداخيل الدولة و تحسين دخل الموظفين باعتبارهم اول المحتملين، و لربما الوحيدين، لعبء الضرائب.
في ما يخص مداخيل الدولة فسوف تعرف صعودا متواصلا قد تتضاعف نسبها عديد المرات.
نحن اليوم نجمع 30 على 50 مليار مطلوبة ، وأنا متأكد انه بفضل الاصلاح الذي اقترحه يمكن بعد سنة واحدة أن نتجاوز 30 إلى 50 مليارا ثم إلى 100 مليار.
•المحور الثاني يتمثل في الرقمنة التي يجب ان تشمل كامل البلاد.
بلدان عربية قامت بمثل هذا الانجاز و اولها دولة الامارات العربية و انهت التعامل بالورق، بينما نحن الذين كنا سباقين في هذا المجال توقفنا عند مؤسسات قليلة منها شركة الكهرباء و الغاز و شركة المياه.
كم ستكلفنا عملية الرقمنة؟ 100 او 500 مليون دينار؟ انه شرط دخولنا القرن الواحد و العشرين.
• المحور الثالث: تطوير سياستنا في مجال الطاقات البديلة.نحن اليوم ننتج ما يعادل نسبة 14% من الطاقات البديلة و المتجددة من مجموع استهلاكنا من الطاقة.
لكننا نملك فرص الوصول بهذه النسبة الى حدود 70 او 80%.
يجب بعث ما يسمى بالحقول الشمسية (fermes solaires) في صحرائنا والاستثمار بالموازاة في الصناعات المتصلة بهذا المجال مثل صناعة اللوحات الشمسية (panneaux solaires) التي سوف توفر الالاف من مواطن الشغل.
و يمكن ان نستفيد هنا من الدعم الدولي ونتدرج ضمن خيارات و توجهات العالم المستقبلية.
المحور الرابع: الاستثمار في البحر: قد لا يعلم كل التونسيين ان بلادنا تمتد بعمق 200 ميل بحري اي ما يعادل مسافة طولها 360 كلم ليس تطرح اي اعتراض ما عدى بعض الاشكاليات البسيطة مع جمهورية مالطا.
لقد كنت اول من طالب، والصحف تشهد على ذلك، بوزارة للبحر تتولى وضع استراتيجية لتنمية و أستغلال ثروات بحرنا من غاز طبيعي و انتاج للاسماك. البحر مستقبل بلادنا و مستقبل اجيالنا.
•المحور الخامس: اصلاح السياحة :للخروج من الازمة العميقة التي يعيشها القطاع السياحي لا بد من تصورات مختلفة و سياسات ذكية تفتح آفاق استثمارات و قطاعات ذات تشغيلية كبيرة.
ويجب الدفع لجعل تونس بلاد الشمس لكبار السن(le troisième âge) بفضل بعث قرى للمتقاعدين تكون منشآت متكاملة تتوفر فيها مرافق الاستجمام و الاستشفاء الى جانب الرعاية و الاحاطة. و سيضمن هذا التوجه الجديد في الصناعة السياحية تدفقا مستمرا للزبائن و مردودية اقتصادية كبيرة، و يفتح الباب لتشغيل مئات الالاف بين قطاعي الصحة و الترفيه.
•المحور السادس:الفلاحة: هنا يتوجب ان نجد اولا حلا مع الاليكا (Aleca) لان لنا امكانيات تصدير مهمة و لا يمكن ان نُحصر في حدود قاهرة ونبقى نشاهد فلاحينا و هم يتلفون منتوجاتهم من حليب او خضر او غلال.
و الحل يبقي في المراهنة على الصناعات الغذائية القادرة وحدها على تحفيز الانتاج و استيعاب فوائضه و تعديل السوق.
التصنيع الغذائي يمثل اليوم مرتكزا من اهم مرتكزات التنمية الاقتصادية و يمكن الاستدلال بالمثل الاسباني حيث استطاعت اسبانيا باستثمارها في الصناعة الغذائية ان تحقق تحولها الاقتصادي و تصبح سابع او ثامن قوة اقتصادية في العالم.لابد كذلك من مراجعة القروض الفلاحية و حسن توجيهها وضمان مردوديتها بالمتابعة والتاطير و التقييم.
المحور السابع:
التربية: يجب التعجيل باصلاح تربوي يفتح المجال امام جميع التونسيين و يكسر الحاجر الوهمي الفاصل بين العام و الخاص.
الهدف الرئيسي هو جعل تونس تصبح قطب امتياز تربوي لمختلف المستويات الابتدائي و الثانوي و العالي. يجب ان نكون طموحين وان نفتح بلادنا لكل الجامعات العلمية بمختلف اختصاصاتها لنجذب الطلاب و الاساتذة و نطور البحث العلمي و نفتح المؤسسة التربوية على محيطها لتسهم في تطوير الفكر و الاقتصاد و الصناعة و تنتج الذكاء و المعرفة.
محور ثامن يمكن اضافته يتعلق بالقضاء الذي يجب ان يكون الاهتمام بتطوير منظومته امرا مسترسلا.