بقلم نوفل بن عيسى
آهِ لو يُجْدِي الكلامْ
آهِ لو يُجْدِي الكلامْ
آهِ لو يُجْدِي الكلامْ
هذه الأمَّـةُ ماتتْ
. . . والسـلامْ !
أحمد مطر
نددنا ونبهنا واقترحنا وكتبنا ونشرنا وتكلمنا ولكن “كلامك يا هذا في النافخات زمرا”.
هذا حالنا وحال تواصلنا مع وزارة الشؤون الثقافية.
وزارة ماضية في اهدار اموال ترصد دون جدوى وفي توخي سياسات غير مجدية وفي قتل “الأمل في غد أفضل”!
قطاع الموسيقى خير مثال.
كيف كيف وقد طفح الكيل وانفضح الامر! اسألوا أولائك الذين هاجروا من الموسيقيين لماذا هاجروا واسألوا الذين ينوون الهجرة لماذا يأملون في مغادرة الوطن ومنهم من لهم وظائف واجور وقد قضوا حياتهم في تعلم الموسيقى الى أن تخرجوا من المعاهد العليا للموسيقى.
ثم ماذا؟ سراب في سراب في سراب….
وعندها لم تعد الهجرة خيارا وانما ملجأ وأملا وأمنية طالما ليس في بلادنا أمل ولا خير يرجى من وزارة اشراف تسير بالرؤية وحسب المصالح و”مراكز القوى”.
نعم هذا يحدث في تونس بلد ابن خلدون وابن عرفة والشابي وابن عاشور.
بلد قرطاج والقيروان والزيتونة والحصري القيرواني ومنور صمادح…. بعد ثورة الكرامة وووووو…..
لن أتحدث عن الأموال التي اهدرت كتسبقة لعروض برمجت لخمسينية مهرجان قرطاج ولم تتم (وقبر الملف كالعادة) ولا على ما تم صرفه في إطار برنامج “مبدعون من أجل الحياة” ولا غيرها مما بذرته وزارة الثقافة دون جدوى تذكر ولا فائدة وطنية حصلت على مر السنين قبل الثورة وبعدها ولكن سأقتصر في هذا المقال على امر صناديق تمويل وتشجيع الانتاج …..وقس عليه.
تعلن الوزارة كل سنة على فتح باب الترشح لتمويل انتاجات سواء في شكل عروض أو مصنفات ويطلب من المترشحين تقديم مطالب باسم الوزير وملفات -لا طائل منها- في آجال محددة ويعين الوزير اعضاء لجان الفرز وهي “حسب القانون” استشارية وليست تقريرية اذ يرجع القرار الأخير وفي حقيقة الأمر الى الوزير وهذا معمول به منذ بعث هذه الصناديق عهد الوزير بشير بن سلامة في الثمانينات من القرن الماضي. ومن هنا نفهم أن اللجان تؤتمر بأمر الوزير -ان اقتضى الامر- اذ بيده الحل والربط وهو صاحب القرار “وآش يقول الميت قدام غاسلو”؟.
وللوزير اسباب لا تهم غيره ولا هو مطالب بأي تبرير وعليه فاذا طلب من اعضاء اللجنة اقصاء فلان أو تزكية فلان فما عليهم إلا السمع والطاعة واذا طلب منهم تغليب الاعتبارات الاجتماعية أو الجهوية فعليهم السمع والطاعة وعليه فأن الاعتبارات الفنية ليست الاهم ولم تعد أساسية على خلاف ما قد يتبادر الى اذهان بعض المثاليين.
وأما اللجان فهي تتركب عادة من أصحاب الطاعة والولاء ومن لا تشوبهم شائبة حسب معايير أصحاب الوزارة والسلطة ومن بأيديهم تدبر الامور.
وعلاوة عما سبق، كيف لعضو في لجنة تعنى بدعم إنتاج موسيقي أن يبت في الوتري والشعبي والراب والجاز والموسيقى التصويرية والعالمة والمنوعاتية وغيرها من انواع الموسيقى وكأنه فريد عصره يفهم في الموسيقات على اختلافها؟
فكأنك تطلب من طبيب مختص في مجال ما من مجالات الطب أن يبت في امراض القلب والشرايين والانف والعين والحنجرة ووو أليس في هذا خلط وعبث.
وفي هذا السياق أذكر أن في أحدى دورات مهرجان الأغنية رشح ملحن (ن م) أغنية للتباري فتم رفضها من لجنة الفرز اعتبارا لكونها “دون المطلوب”.
وفي الدورة الموالية تغيرت اللجان أو بعض أعضائها واعاد ذاك الملحن ترشيح ذات الأغنية ولكن بعد أن غير عنوانها فقبلت وتحصلت على الجائزة الاولى…
وهكذا توجت هذه الأغنية بعدما كانت منذ سنة خلت “لا تٓصلح ولا تُصلٍح ولا تُصلٓح” ورغم أن الامثلة عديدة وكثيرة ومصائب اللجان كذلك، ما زالت الوزارة تعتمد ذات السبل والطرق وكأن باختياراتها وقراراتها قضاء وقدر وكلف ذلك المجموعة الوطنية ما كلف وان كانت اموال طائلة واهدار طاقات إبداعية وفنية وبشرية وحتى بعدما قامت ثورة شعبية “ابهرت العالم” فإن لجان وزارة الشؤون الثقافية قهرت عديد أهل الصناعة ظلما واقصاءا واستهتارا بمصير موسيقيين وابداعاتهم….
حتى أن الملحن الذي ذكرت اعتزل التلحين والعزف وهو في الاربعين من عمره فضلا عن غيره الذين اصابهم الاحباط والانهيار وآخرون ممن رزقهم الله بهجرة علهم يجدون الشغل والكرامة وحرية الابداع في غير هذا الوطن وبعيدا عن أمة تفتقد فيها وزارة الثقافة الى الابداع والموضوعية والمراجعة والابعاد الاستشرافية وما أشبه اليوم بالبارحة!
وعذرا على ازعاج وزارة الشؤون الثقافية…..