بقلم: محمّد حسين فنطر
فاذا عشّش الفقر في بلدان الجنوب عامّة فذلك لأنّ شعوب الجنوب تجهل تاريخها وتكاد لا تعرف شيئا عن أرضها. أ ليس ذلك ما نعيشه في تونس قبل الثورة وبعدها؟ بلى!
ولا أدل على ذلك من الضوارب الهزيلة التي تسندها مدارسنا ومعاهدنا الى التاريخ والجغرافيا مما يجعل التلاميذ في كليهما زاهدين ساهين فيدركون الجامعة ويتربّعون على عرش السياسة والإدارة وهم أمّيون لا يعرفون من هم ويجهلون ما على سطح أرض بلادهم وقد يلجؤون الى الآخر ليخبرهم عمّا في بطن أرضهم من كنوز.
لقد كانت قوى الاستعمار واعية بخطورة التاريخ والجغرافيا وبالخطر الذي يكمن فيهما ويضرّ بها فحقّرتهما في المستعمرات ليزهد فيهما سكانها الأصليون وهو المشروع الذي ورثناه عن الاستعمار الذي كان يعمل على تجفيف عيون الريّ والتخصيب الكامنة في التاريخ والجغرافيا والمؤسف أننا مازلنا عن التاريخ والجغرافيا زاهدين فكيف نخطّط لحاضرنا ومستقبلنا إذا كنّا نجهل تاريخ بلادنا وجرافتيها بمختلف أبعادها؟
فاذا أردنا اصلاح نظامنا التربوي فلنعط للتاريخ والجغرافيا القيمة التي تجعل منهما نبعين تتغذى منهما الناشئة فويل لقوم يجهلون تاريخ بلادهم ولا يعرفون عن أرضهم شيئا والإصلاح التربوي عندنا يكمن في جعل التاريخ والجغرافيا مادتين أساسيتين ويترجم ذلك برفع الضارب المسند لكليهم الى مستوى ضوارب الفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم ذات السوق النافقة و قد يطول و يحلو الكلام عن التاريخ و الجغرافيا.