بقلم الأستاذ سالم المنصوري
كثيرا ما كان الرئيس بورقيبة يخاطب الشعب التونسي عبر المذياع بمعدّل خطاب في الأسبوع يتناول فيه الى جانب القضايا الوطنية والدولية مسائل محلية اجتماعية تغوص في عمق حياة الأسر والأفراد يختار منها ما يراه مناسبا لعرضه وتحليله ، بانتصابه مربّيا للتشهير ببعض الممارسات البالية ومتوجّها باللوم والنّهي أحيانا وبالنّصح والتوجيه في كل الحالات.
فتطرّق الى الشؤون الخاصة متدخّلا في علاقات الأزواج والأولياء ببنيهم موصيا بالسّهر على تأمين التربية الحسنة للناشئة و ضرورة احترام المرأة..كما اهتم بنظافة المدن والشوارع والمساكن مؤكدا على المواطنين بضرورة الإعتناء بالمظهر الخارجي وبتحسين الهندام وصولا إلى الأمر بتحليق الرأس والذّقن قبل الانتقال لمقرات العمل .
وكانت احتفالات ” اسابيع النظافة ” و ” تحسين الهندام ” المُقامة باستمرار في القرى والأحياء مناسبة لعديد الأدباء والفنانين لممارسة الهواية بالتغنّي والتباهي بما يثير اعجاب البعض وسخرية من لم يدرك عمق المقاصد التي ظلّت التلفزة التونسية تبثّها سنوات عبر ومضات ” من توجيهات الرئيس ” والتي بقيت علامات مضيئة لدى خاصّة وعامّة الناس.
عادت بنا الذكريات الى ما سبق ذكره عند اطلاعنا على ما نشرته جريدة الصباح يوم 20 ماي 1956 بخصوص نشاط الحكومة الجديدة في نقلها لفعاليات مجلس الوزراء ” الذي خصّص حيّزا من وقته في بحث الحالة العامة في البلاد فلاحظ ان التفسّخ الأخلاقي والانحلال في الآداب العامة قد ساد البلاد منذ عدة شهور وتفاقم بوحه خاص في المدن ، واتّخذ أشكالا عديدة منها سوء السلوك في الشوارع والسّكر العلني وسهولة الالتجاء إلى الكلام البذيء والسّباب ، والمضايقة الشفوية للنّساء في الشوارع والفتيات عند خروجهنّ من المدارس الخ…
والحكومة ترغب في ان ترى التونسيين وجميع السكان بوجه عام يتحلون بحسن السلوك والسيرة الحميدة والمحافظة على الكرامة الفرديّة.
ولمّا كانت الحكومة مهتمّة في الوقت نفسه بحريّة كل فرد، ويجعل تونس تظهر لزائريها في مظهر بلاد اللياقة والأداب، فإنها تدعو السّكان الى أن يصطبغ سلوكهم العام بصفة اللياقة والكرامة ورعاية الآداب.
ولن تسمح الحكومة في المستقبل بأن يظهر أيّ أحد في الشوارع والمحلاّت العامة مبتذلا سواء في المظهر او في اللغة.
ولن تسمح بان تقع مضايقة النساء والفتيات في الشوارع. وقد أصدرت اليوم تعليماتها الصّارمة لتطبيق القوانين الجاري بها العمل بكلّ شدّة وستشدّد في مستقبل الايّام هاته القوانين حتى تنفّذ بدون ضعف.
كما أن الحكومة تتجه إلى الصحافة وإلى كلّ من له تأثير على غيره ان يساهم بالإقناع على حمل جميع الناس على احترام قواعد الآداب العامّة وحسن السيرة والسّلوك”.
وكان المجلس القومي التأسيسي قد اقرّ أثناء جلسته الثانية المنعقدة في 14 أفريل 1956 ضمن تقرير لجنة النّظام فقرة خاصة ” بآداب المجلس ” تقضي في أربعة نقط على :
ا- التدخين محجّر داخل قاعة الجلسات.
ب- يفرض حمل الزيّ المحتشم داخل قاعة الجلسات .
ج- يُطالَب الحاضرون بقاعة الجلسات باحترام الآداب العامّة.
د- التظاهر بالتأييد او الإنكار ممنوع على الجمهور .
[ من كتاب …احمد بن صالح وزمانه…منشورات نيرفانا ] .