بقلم الحبيب المستوري
تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج تعتبر مورداً هاماً للاقتصاد التونسي، فبالإضافة إلى كونها مصدر رزق للعديد من العائلات، فإنها تساهم في تعزيز الصادرات وتحسين الميزان التجاري الخارجي للدولة، كما أنها تحسن الموقف الاقتصادي للدولة وتؤثر إيجابياً على قيمة العملة المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج تساعد على تمويل المشاريع الاقتصادية والتنموية في الدولة، مما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين. لذلك، فإن تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج تعد أمراً مهماً للاقتصاد التونسي ولا يمكن التغاضي عنها.
وللعلم فان التحويلات من الخارج تكبد المهاجر التونسي بصفة خاصة ، مبالغ معتبرة سنويا، تتمثل في العمولات المجحفة، لأن التونسي بالخارج متروكا لحاله للأسف في العشرية الفارطة، ليس هناك من يفكر في مساعدته حتى بابرام الاتفاقات الثنائية للتخفيض في العمولات العالية ونسب الصرف المتدنية نسبيا مقارنة بالصرف الحقيقي وغيرها من النسب التي توظف على التحويلات البنكية او اي صيغ أخرى.
بينما نجد بلدان أخرى تحظى بنسب عمولات وصرف محدودة للغاية مما يشجع المهاجر على الاقبال على تحويل نسبة من مدخراته لتلبية احتياجات الأسرة والأقارب ودعمهم وتحسين مستوى معيشتهم.
ولاعطاء فكرة عن حجم تحويلات التونسيين بالخارج كشف البنك المركزي، خلال هذا الاسبوع، عن ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج إلى اكثر من 2.3 مليار، بتاريخ 20 افريل 2023، أي حوالي 2339.6 مليون دينار، ما يعادل 766 مليون دولار أمريكي، مقابل 690 مليون دولار في نفس الفترة من السنة الماضية 2022، بارتفاع ناهز 7.3%. وتعد هذه المؤشرات جيدة، حيث من المرتقب أن تتجاوز حاجز 8 مليار موفى السنة الجارية، ما يرفع من رصيد تونس من النقد الأجنبي.
وبلغت تحويلات التونسيين بالخارج خلال سنة 2022، 9468.4 مليون دينار. مقابل 8617.8 مليون دينار خلال سنة 2021، بارتفاع بلغ 9.9 بالمائة.
ووفرت قيمة عائدات التحويلات المالية، 20 بالمائة من الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة، ومكّنت من تغطية الدين الخارجي خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2022، وتفوقت على عائدات القطاع السياحي خلال نفس الفترة.
كل هذه الايرادات تأتي بصورة عفوية لأنها تذهب بالدينار الى عائلات المهاجرين ولا تكلف الدولة أي مجهود فما بالك لو تتدخل الدولة وتفتح باب المنافسة بين البنوك باعطاء بعض الامتيازات للتونسيين بالخارج او اسناد قروض سكنية او تمويلات استثمارية بدون عراقيل وتنشيط التجارة الخارجية.
ثم ماذا يحصل لو تحرر الدولة اقتصادها المكبل بالرخص ومسك بعض العائلات قطاعات اقتصادية هامة تتصرف فيها والدولة تحميها بالقوانين المناسبة. وليس صحيحا انها تحمي الاقتصاد التونسي.
المواطن العادي لا يستطيع شراء سيارة من الخارج او جلب بضائع تجارية معينة دون المرور بالعائلات التي تتحكم في السوق بالقانون.
يجب على الدولة القيام بالاصلاحات الكفيلة لتحرير الاقتصاد، على مستوى المؤسسات العمومية والتخفيف من أعباء الضريبة والأتاوات العالية على السلع المستوردة.
ألم تعمل لوبيات أصحاب وكالات السيارات من التدخل لدى رئيس الحكومة يوسف الشاهد عام 2018 وتم منع بيع سيارة FCR لانها في نظرهم تزاحمهم وهي في الحقيقة تعدل السوق ومنذ منع بيعها هرم اسطول السيارات في تونس وارتفت اسعار السيارات الجديدة وقطع الغيار. وقام رئيس الجمهورية بالغاء مرسوم الشاهد السنة الماضية وعادت الFCR الى سالف عهدها.
في الختام يمكن القول ان تحويلات العملات الأجنبية تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والتطوير الشامل في البلاد، ومن الضروري العمل على توجيه هذه التحويلات النقدية إلى المجالات التي تعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي وزيادة مستوى المعيشة للمواطنين وتنمية المبادرات الخاصة وانفتاح السوق الداخلية على الخارج والا فستسداد السوق الموازية اتساعا ودخول البضاعة المهربة والمقلدة بدون رقيب.