بقلم نوفل بن عيسى
قدم الفاضل الجزيري عرضه “المحفل” في افتتاح الدورة الحالية لمهرجان قرطاج الذي يتزامن وعيد الجمهورية الفرنسي.
وكما كان محيط برجل ايفيل الباريسي يعج بالناس، كان مسرح قرطاج يعج بالمتفرجين خاصة وأن الفرجة هي اختصاص الفاضل الجزيري، وهي العنصر الاساسي في كل ما قدمه والسام المشترك بين عروض النوبة وزغندة وعزوز والحضرة وآخرها المحفل.
ولكن المتفرجين لم يكونوا بالمسرح الاثري فحسب بل كانوا من الذين تابعوا العرض في التلفزات، اذ نقلت التلفزة الوطنية افتتاح مهرجان قرطاج الدولي مباشرة.
وقبل نهاية العرض، بدأت الاراء النقدية تغزو الفضاء الافتراضي وكان اغلبها سلبيا وحتى ساخطا وكأن بالمتفرجين كانوا في انتظار شيء آخر من نوع انتاج ثقافي فكري وعرض يليق “بمكانة وعراقة مهرجان قرطاج الدولي”، في حين أن الفاضل الجزيري اعلن على نوعية عرضه من العنوان:
المحفل، وهذا ما قدمه، أي عرض فرجوي يجمع بين الايقاعات الصاخبة والاغاني الاحتفالية الخاصة بالافراح في المناطق الداخلية ولوحات راقصة وشباب يفجر ما فيه من “طاقات مكبوتة”، وهذا ما يحدث في المحافل عندنا وكأن به يكرر ذات المقاربة التي اعتمدها في انتاج النوبة ولذات الاسباب اذ فسر وقتها انه بعد ما خلفته حرب الخليج من كبت واحباط لدى الشعب التونسي والامة العربية عموما، كان لا بد من “تفرهيدة”، فكانت النوبة، والان وبعد الخيبة والاحباط الذان خلفتهما “العشرية السوداء” في نفوس التونسيين اضافة الى الكبت الذي تولد جراء ازمة الكوفيد واختناق التونسي بسبب الازمة الاقتصادية، كان لا بد من “تفرهيدة”.
وفي هذا الاطار تتنزل فكرة انتاج “المحفل” وهذا ماصرح به، أو كاد، الفاضل الجزيري بكل شفافية وبساطة وبدون أن يزعم بأنه سيأتي بالعجب العجاب الثقافي.
والمفيد أنه حقق المنشود وجسد رؤيته حسب مقاربته للواقع المعيشي وقراءته لحاجيات الجمهور التونسي الحالية وحضرت السيدة الوزيرة وكانت مسرورة…..
وفي ذات السياق، حقق المهرجان غايته الاهم وهي ان يجني عرض الافتتاح الربح الوفير ويكون الحضور الجماهيري قياسيا وهي معايير النجاح المرجوة الحقيقية الان.
فما يعيبون اولائك المنتقدون لعرض المحفل الفاضل الجزيري؟
ام انهم بدورهم كغيرهم من الناقدين والمنتقدين متآمرين ومتربصين وذلك “لغاية في نفس يعقوب”؟
ومنذ تقدم الاستاذ قيس سعيد الى الانتخابات، رفع شعارات مقاومة الفساد وتطهير القضاء وتغيير النظام السياسي باعتماد البناء القاعدي واسترجاع الاموال المنهوبة وبعث الشركات الاهلية، وهذا ما شرع في تحقيقه منذ ليلة عيد الجمهورية الفارط معلنا على بداية تأسيس الجمهورية الجديدة.
ومنذ كان مترشحا الى حد ليلة 25 جويلية الحاسمة، لم يصرح بوضوح عن الطريقة التي سيعتمدها ولا على الوسائل التي سيستعملها لتحقيق ذلك.
وكان الشعب الذي انتخبه بنسبة قياسية وحتى الذين صاروا اليوم من اعداؤه ومنهم النهضة والتيار الديمقراطي يصدقون قوله ويباركون فعله.
واليوم وقد “وقعت الفأس في الرأس” و”كل شيء انكشف وبان”، فلماذا ينتقدون اداء الرئيس قيس سعيد ولماذا يستغربون مما أتى به وحققه منذ توليه الرئاسة في حين أنه اعرب على نواياه بكل شفافية في حملته الانتخابية؟ وحتى ممن صار يعاديه اليوم ومنهم عبير وجماعتها ومشتقاتها من احتفل به وصفق له ذات عيد جمهوريتنا لانه “رتحنا من الغنوشي والخوانجية”.
والان لماذا ينددون بتجميده لجل مؤسسات الدولة قبل اعادة بلورتها، وتغييره للدستور حسب رؤيته؟
اما تبادر الى اذهانهم أن “الغاية تبرر الوسيلة” “والضرورات تبيح المحضورات” خاصة في سبيل تحقيق مراد الشعب؟ الم يحتفوا بايقاف رموز النهضة وغيرهم من المعارضين كما احتفى مهرجان قرطاج بمحفل الفاضل الجزيري في عرض افتتاحه المتزامن، صدفة، مع الاحتفاء بعيد جمهورية فرنسا وبكل عفوية؟
حتى انني صرت اتساءل اليس جمهور قيس سعيد هو ذات جمهور الفاضل الجزيري؟
وختاما فما لا يمكن انكاره أن الفنان الفاضل الجزيري والرئيس قيس سعيد قد فهما على الارجح ما يريده الشعب، وعلى هذا الاساس قدما ما تعهدا به ولهذا عهد للفاضل الجزيري مرة اخرى بتأثيث عرض افتتاح مهرجان قرطاج الدولي ومازال قيس سعيد يتصدر استطلاعات سبر الاراء وعليه ستتم اعادة انتخابه من جديد. الشعب يريد المحافل …. والمهم أن نحقق للشعب ما يريد… وبكل شفافية… افلا تعقلون؟