المشهد يتكرر يكاد يكون بلا انقطاع منذ حوالي 35 سنة، بنفس الوجه الأسمر( رغم تغيّر جنس أصحابها وأسمائهم)، وبنفس الحركة، ودائما في الوقت الحاسم، وبنفس المكان: مجلس الأمن بالامم المتحدة الذي تتمتع فيه، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، خمس دول بحق النقض( الفيتو)، وهي الولايات المتحدة، الامريكية، والصين، وروسيا الفيدرالية، والمملكة المتحدة، وفرنسا.
ويكفي ان تصوت واحدة من هذه الدول ضد قرار حتى يسقط.
وسواء كان الحكام من الجمهوريين أم من الديمقراطيين، فإن اليد المرفوعة للاعلان عن استعمال امريكا لحق النقض هي يد سمراء ينتمي صاحبها أو صاحبتها للأقلية السوداء الامريكية أو من يسمون بالأفرو-أمريكيين.
تذكروا جيدا: كولين باول، الذي تحمل كذبة بوش الابن حول امتلاك العراق أسلحة التدمير الشامل، وكوندوليزا رايس…
وصولا اليوم إلى ليندا طوماس-غريفي التي رفعت أمس يدها معلنةً نقض بلادها للمشروع الجزائري المنادي بإيقاف الحرب على غزة.
هل هي مجرّد صدفة ان يكون ممثل، أو ممثلة، امريكا في الأمم المتحدة أسمر، أو سمراء اللون، وان يظهر على العالم بنفس تلك الحركة الرافضة؟
وهل هي مجرد صدفة ان يتمّ ذلك حين يتعلق الأمر بحرب ضد العرب؟
الكل يعلم ان لا مكان للصدفة في السياسة الخارجية الامريكية وان القرارات محسوبة ومحسومة مسبقا.
ومن هذا المنطلق فان تحميل مسؤولية الاعلان عن استعمال امريكيا حق النقض بيد سمراء أفرو-امريكية، يرمي الى هدف لا يمكن ان يخفى عن أحدٍ، وهو إرباك الامريكيين السود المتعاطف أغلبهم مع القضية الفلسطينية ومحاولة تقسيم وتشتيت موقفهم إزاءها.
وفي الحقيقة، فان قرار النقض هو قرار أبيض تمّ بيد سمراء تحولت الى “يد موت” بعد ان أعطت الضو الاخضر لمواصلة المجزرة الاسرائيلية في غزة.
محسن اسمر